samedi 26 mars 2016

أطلال فستسرفين بسيصيض

* * *
أطلال فتسرفين بأحواز سيصيض
----------------------------------
وأنا أتجول في أحواز قرية سيصيض، تذكرت معلمة من المعالم الأثرية التي تحيط بهذه القرية العريقة، ألا وهي أطلال (فتسرفين)، هذه الآثار التي تشهد على أصالة وعراقة تاريخ سيصيض، وكنت قد تطرقت الى تعريفها المقتضب في مدونة قبيلة أيت مزال، ثم مدونة سيصيض، وها أنا ذا اليوم من جديد أتواجد في عين المكان، مستطلعا وباحثا عن أسرار هذه المعلمة التي يكتنفها كثير من الغموض، من حيث جذورها التاريخية، والعناصر البشرية التي كانت تقطنها، متسائلا هل هم من أهل سيصيض، وهل هم أجدادهم، وما هي آثارهم الأخرى الباقية، وهل ورد اسم هذه الآثار في وثائق ورسوم أهل سيصيض، أسئلة كثيرة تنتظر الإجابة، ولا يمكن الوصول اليها إلا بمراجعة المستندات القديمة.
تبعد أطلال (فتسرفين) عن موقع ديار سيصيض مسافة 1 كلم تقريبا الى الشمال الغربي، وعند تحليل اسم (فتسرفين) بالأمازيغية نجده ينقسم الى كلمتين أمازيغيتين (أفا) و (تيسرفين)، أما كلمة (أفا) فتعني بالعربية (شفا) أو (قمة الجبل)، وكلمة (تيسرفين) فهي مفرد (تاسرافت)، وتعني بالعربية الفصحى (المطمورة) وجمعها (مطامير)، وبالعربية الدارجة (المرس)، وقد ورد اسم (تيسرفين) في الوثائق والرسوم مترجما الى العربية باسم (أعلى المطامير)، مما يدل على أنها كانت موجودة منذ القديم، وهي عبارة عن مخازن الحبوب والمزروعات مشكلة في حفرة مستطيلة ومبلطة الجدران تحت الأرض، مثل مطفية أو خزان الماء التحت أرضي، لكنها مخصصة للحبوب فقط، ويعرف عن هذا الشكل الهندسي لمخازن المزروعات أنها تختص بها السهول فقط دون الجبال، لأن مخازن المزروعات بالجبال تكون عادة في (ايكيدار) أو (ايكودار) وهي القلاع أو الحصون، وهنا يطرح السؤال نفسه، ما سر تواجد هذا المخزن الأرضي، وبالقرب منه مسافة 1000 متر يوجد مخزن جبلي حصين، وهو أكادير سيصيض المنيع، هل أصحاب هذه المطامير ليسوا من قرابة أهل سيصيض، أو هم جيرانهم، أم أنهم نقلوا مدخراتهم الزراعية الى هذا المكان خوفا عليها من النهب في زمن الأهوال، وربما تكون الإجابة واضحة حينما نجد أن هناك بالقرب من هذا الموقع توجد مقبرة صغيرة تضم رفات أموات يعرفون لدى أهل سيصيض باسم مدافن (ايركراكن) نسبة لقبيلة رجراجة الشهيرة في غرب منطقة حوز مراكش، وقد أدركنا أهل سيصيض في 60 القرن 20م يقومون بزيارة هذه المقابر مرة في السنة ويتناولون فيها وليمة المعروف، وفاتنا آنذاك لصغرنا أن نسأل آباءنا الذين ورثوا هذه الطقوس عن أجدادهم، عن سر هذا المعروف الذي يقام على شرف هؤلاء الركراكيين، وهل هم أسلافنا وأجدادنا ؟ وهل لنا علاقة نسبية معهم ؟ أسئلة كثيرة لو حاولنا ربط بعضها ببعض لتوصلنا افتراضيا أن أطلال فتسرفين هي آثار لقرية قائمة بذاتها وسكانها من أصول رجراجية استوطنوا هذه المنطقة في زمن من الأزمان، مهاجرين من بلدهم الأصلي رجراجة، وربما تكون هذه الفرضية معقولة إذا قارناها مع بعض الأعلام الصالحين أصحاب الأضرحة المنتشرة في البلاد وأغلبهم من الرجراجيين.
وإذا رجعنا الى تحليل اسم (تيسرفين) والذي يعني مجموعة من المطامير، فلا نجد في الموقع إلا (تاسرافت) أي مطمورة واحدة فقط، فأين هذا العدد الذي يعنيه اسم الموقع، هل اندثرت مع الزمن، وطمس مكانها، أو تكون مغمورة تحت الأطلال، هذه المطمورة الوحيدة الباقية، شاهدتها في سنوات السبعينات من القرن العشرين الميلادي، وهي لازالت مغطاة وسليمة المظهر، وفي وسطها فوهة صغيرة تسع للدلو أو المكيال الحديدي الذي تكتال به الحبوب، أما الآن ومع كامل الأسف تعرضت للخراب، وتهدم سطحها وأصبح ركاما ترابيا داخل جوفها، وأصبحت المطمورة حفرة عارية مكشوفة، ولم يتبقى من معالمها الا الأجزاء العليا من الجدران.
وبجوار المطمورة يوجد ركام هائل من أحجار البناء القديم، وبعض أجزاء من أساسات جدران البيوت المتهدمة، كما تتخلها أشجار الأرجان (ينطق بالجيم المصري) في وسطها وجنباتها، مشكلة رأسا حجريا على قمة تلة منبسطة غير عالية، تطل على هضاب وتلال مكسوة بأشجار الأركان، وبقايا قليلة جدا من أشجار اللوز، مما يدل على أن هذه الأطلال كانت في الزمن الغابر، قرية آهلة بالسكان، مطلة على أملاكها في هذه القمة الهضبية.
أما فيما يتعلق بتاريخ ومهام هذه المطامير، فقد نقل الرحالة الحسن الوزان الشهير باسم (ليون الافريقي)، في سياق حديثه عن سكان بلاد دكالة عندما زارها سنة 1514م، حيث وجد فيها عددا كبيرا من المطامير، بلغت المائة، حتى حمل موقعها اسم بلدة (مائة بير)، قائلا بأن سكان دكالة ذكروا له بأن هذه المطامير تحفظ القمح مدة 100 سنة دون أن يفسد أو تتغير رائحته.
وورد عند الأستاذ المؤرخ عبدالعزيز بنعدالله، أن المطامير في المغرب عرفت لدى الأمازيغ القدماء، من مصامدة وصنهاجة، حيث كانوا يدخرون حبوبهم في مخازن تسمى (تيسرفين)، كما كانوا يعتمدون في بناءها على الحجر و الطوب، وغالبا ما تجد هندسة هذه الأماكن مهيأة بطريقة تقيها من البرد شتاءا و من الحر صيفا.
وذكر المؤرخ الناصري في كتابه (الاستقصا) أن في أيام الدولة المغراوية، اتخذ أهل فاس المطامير في بيوتهم للطحن والطبخ لئلا يسمع دري الرحى فتقصدهم سفهاء مغراوة، وقد انقرضت هذه الدولة سنة 462هـ على يد السلطان يوسف بن تاشفين المرابطي.
وورد ذكر المطامير عند ابن خلدون أنها كانت المنقذ الوحيد لسلطان بني يغمراسن في حصار بني مرين له في قصره، حيث كانت مصدر إعالة حاشيته، فقال : حدثني شيخنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الابلي قال جلس السلطان أبو زيان بن عثمان بن يغمراسن صبيحة يوم الفرج وهو يوم الأربعاء سابع ذي القعدة 706هـ في زاوية من زوايا قصره يفكر واستدعى ابن جحاف خازن الزرع فسأله كم بقي من الأهراء والمطامير المختومة فقال له إنما بقي عولة اليوم وغد.
كما ذكر المؤرخ الناصري في كتابه (الاستقصا) المطامير في عهد الدولة العلوية، وذلك في سياق حديثه عن السلطان المولى محمد الثاني بن اسماعيل العلوي، أنه عجز عن تأدية أجور خدمه عبيد القصر، واستزادوه فأطلق أيدي النهب في أموال الناس، وصادر الحبوب والأقوات من دور وأهراء ومطامير أهل مكناس غصبا، فكثر الهرج وعمت الفتنة وفر الناس من مدينتهم وعم النهب خارجها وانقطعت السبل.
وذكر اليفرني : أن في عهد السلطان عبدالملك السعدي كانت قرى القبائل الأطلسية الرحل لا تعمر إلا في فصل الشتاء، أما خلال الفصول الثلاثة الباقية فإن مطاميرها المملوءة بالحبوب يسهر عليها حراس خصوصيون.
وعند كودار في كتابه (وصف وتاريخ المغرب) قال : ويظهر أن السلطان مولاي أحمد الذهبي السعدي هو الذي بنى كهوفا أو مطامير خاصة لخزن بيت المال.
وعند المؤرخ عبدالعزيز بنعبدالله أن المساكن القديمة في المغرب اتخذت شكليات متباينة، فالكهوف والمغاور في الأطلس، حتى الصحراوي منه، عبارة عن غرف منحوتة في النجود لم تكن تصلح للرحل الكثيري التنقل بقطعانهم، فلذلك كانوا يأوون إلى مساكن متحركة ينقلون قطعها على ظهر الجمال في الصحراء أو عربات تجرها البهائم، بينما كان القارون يقطنون النوايل أو الأكواخ المبنية من الطوب ثم صاروا يقيمون ما يعرف (بالقصور) أي معاقل تسند حمايتها لرجال مسلحين أو الأبراج التي تبنى على أطراف الجبال متضمنة أهراء الذخيرة ومطامير لخزن القمح والشعير.
أما بالنسبة لأهل بلدنا بأيت مزال، فهذه المطامير إن كانت تدل على شيء فإنها تدل على عراقة هذه القبيلة وقراها وسكانها، ومنها هذه المعلمة التي كانت لديهم، لحفظ مزروعاتهم من الحبوب وخاصة الشعير، لأنه قوت أهل البلد، وذلك عن طريق استعمال مادة جيرية تدعى بالأمازيغية (ايمليل) ومعناها بالدارجة (البياضة)، أما اسمها العلمي فهو مادة (الكاولان Caolan)، وتوجد بكثرة في أحواز قرية سيصيض الشمالية، وقد أدركنا في سنوات 60 من القرن الماضي، أهل سيصيض القدماء كانوا يستخرجون مادة ايمليل من مقالعها وينقلونها الى مخازن حصن أكادير لحفظ الحبوب، كما تستعمل أيضا في طلاء الجدران وتبليط جنبات غرف البيوت لحفظها من الحشرات والطفيليات التي تدب الى الفراش والأواني المنزلية الفخارية.
----------------------------------
تحرير محمد زلماضي المزالي
* * *
صورة فضائية لقرية سيصيض القديم في أسفل الصورة على يمين
وفي أعلى الصورة على اليسار موقع أطلال فتسرفين في البقعة البيضاء
وفي أعلى الصورة الطريق المعبدة الرابطة بين أيت باها وتافراوت
* * *
أطلال فتسرفين في أسفل الصورة على اليسار في البقعة بيضاء
* * *
صورة فضائية لموقع أطلال فتسرفين في أعلى الصورة على اليمين
والأرض المنبسطة بجوارها وفي يمين الصورة مقبرة صغيرة
* * *
أطلال فتسرفين بادية على التلة
* * *
أحد جدران بقايا منزل في أطلال فتسرفين
* * *
الأرض المنبسطة المجاورة لأطلال فتسرفين والتي شاهدناها في الصورة الفضائية
* * *
أطلال فتسرفين صارت  أكواما من الأحجار بعد أن كانت قرية عامرة
* * *
جانب من تاسرافت (المطمورة) المنهارة وبجانبها سور من الأحجار
* * *
جانب آخر من تاسرافت الوحيدة التي لا زالت شاهدة على ماضي الموقع
* * *
تاسرافت أو المطمورة بشكلها المستطيل وهي في الأصل عميقة
انكشفت للسماء بعد انهيار سقفها الذي كان يغطيها وأصبح ركاما من التراب
وربما ستكون تحته الأخشاب المستعرضة التي تحمل السقف
ويلاحظ بوضوح الطلاء الأبيض على جدرانها الجانبية
* * *
*

Aucun commentaire:

مستجدات وأخبار


إنشاء هيأة جمعيات أيت مزال

للتصدي لعملية التحديد الغابوي

* * *

نظمت

جمعية ايمي واسيف للنماء

حفل اختتام السنة الدراسية

2011-2012

بمركزية مجموعة مدارس أيت مزال

بتيمزكيد اوسرير

التفاصيل

=============

أيت امزال

بيان توضيحي من السيد ادريس مغاني‏ نائب رئيس جماعة أيت مزال حول ما قيل عن أزمة الماء الشروب

المزيـد

--==*==--

تكريم المرحوم أحمد أمزال العسري

--==*==--

ذكرى معركة أيت باها

--==*==--

توصلنا من الأستاذ أحمد بلقاسم المزالي

بقصيدة رائعة تحمل عنوان

AAQDAT A AIT MZAL

تحميل القصيدة

======================

توصلنا من الأستاذ الصافي مومن علي

بثلاثة مواضيع حول

1 - تقارب التشريع المغربي والتشريع الأمازيغي

2 - أصول المحاكمات الأمازيغية

3 - دعوة المشرع المغربي الى الاقرار بالقانون الكوني

--==*==--

====================

تدشينات

أشرف

عامل إقليم اشتوكة أيت باها

السيد عبد الرحمان بنعلي والوفد المرافق له، وأعضاء الجماعة القروية لأيت مزال، والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والجمعوية بمنطقة أيت باها،ومن ضمنهم اعضاء من مكتب جمعية ايمي واسيف للنماء بأيت مزال، وجمعيات أخرى، وجمهور واسع من المواطنين، وذلك صبيحة يوم الخميس 22 غشت 2013 حفل تدشين عدة مشاريع منها، مشروع تزويد خمسة دواوير بالماء الصالح للشرب بجماعة ايت مزال وتقديم حصيلة برنامج تزويد العالم القروي بالماء الشروب على مستوى الإقليم،

كما تم تدشين دار الطالب من أجل محاربة الهدر المدرسي في باشوية ايت باها، وتم عرض وتقديم حصيلة مشاريع التنمية الإجتماعية على مستوى الإقليم

--==*==--

وضع حجر الأساس

لترميم وإصلاح المدرسة العتيقة تيمزكيداو اسيف

تحت الرئاسة الفعلية

لعامل صاحب الجلالة على اقليم شتوكة ايت باها

يوم الخميس 7 فبراير 2013

التفاصيــل

***

تأسيس اتحاد جمعيات منطقة أيت مزال للتصدي لعملية التحديد الغابوي

--==*==--

كتاب مزاليون

--==*==--

الأستاذ الصافي مومن علي

التملي المزالي

======================

د/ عبدالحكيم أبواللوز

الأسكاري المزالي

======================

أحمد بلقاسم

البرباضي المزالي

======================

أحمد بوكيوض

الأمرزكاني المزالي

======================

الحسين بوعد

الأكنيعلي المزالي

======================

شكاية موجهة الى

المنسق العام لاتحاد جمعيات أيت مزال

بخصوص الرعاة الرحل الذين يعيثون في المنطقة فسادا، حيث يرعون أغنامهم وضأنهم بين شجر الأركان في هذا الوقت الذي يمنع فيه الرعي لقرب أوان القطاف

نص الشكاية

* * *

كلمة اتحاد جمعيات منطقة أيت مزال بمناسبة زيارة اللجنة الاستطلاعية البرلمانية لإقليم شتوكة أيت باها

ألقاها السيد الحاج ابراهيم اليربوعي

النائب الأول لرئيس الاتحاد

نص الكلمة

==================

عملية توزيع الدراجات الهوائية التي نظمتها جمعية ايمي واسيف للنماء بأيت مزال

التقريـر الأدبي والمصور

تفاصيل أخرى في موقع الجمعية

====================

كلمـــــــة

الكاتب العام لجمعية ايمي واسيف للنماء بأيت مزال

محمد زلماضي المزالي

بمناسبة الذكرى الثانية لمعركة أيت باها 1936

نظمتها جمعية تيللي نودرار

بتعاون مع المجلس البلدي لأيت باها

بمركز تأهيل الشباب

بمدينة ايت باها

يوم السبت 22 مارس 2014

نص الكلمة