*
* * *
*
أيت مزال من النزائل السلطانية
-----------------------
النزالة : كلمة عامية مغربية، تعني مكان نزول جيش السلطان قديما أثناء تنقلاته، وتسمى ايضا النازلة والنزلة جمع النزلات او النزائل، وقد سماها ابن زيدان صاحب كتاب العز والصولة، في حديثه عن أماكن نزول السلطان بمنطقة سوس، باسم (منزل السلطان) جمع منازل، وكلمة (النزالة) هي المستعملة كثيرا في العامية المغربية، وهي مكان الضيافة، وتستعمل محليا في سوس بالاسم الأمازيغي (النزلت) بتسكين جميع حروف الكلمة، وجمعها النزلات، والمقصود بها مكان نزول المسافرين والقوافل التجارية بعد كل مرحلة من السير، وهذه النزائل تكون محروسة من طرف القبائل التي تقع في أراضيها، والمراحل أيضا هي أماكن توقف المسافرين بين كل مرحلة، وعند المؤرخ عبدالعزيز بن عبدالله، أن المراحل في البادية، أقامها السلطان احمد المنصور السعدي تمهيدا للطرق، وهي عبارة عن منازل وخيام بين المنزلة والمنزلة والمسافة بينهما ما يقرب من أربعة عشر ميلا، يسكنها أهل البادية وأجرى لهم ما يكفيهم ثوابا على سكناهم وأمرهم ببيع الشعير والطعام واللحم والعسل وغير ذلك مما يحتاج إليه المسافر وان مرت بهم قافلة يحرسونها ليلا ونهارا، وان ضاع شيء ضمنوه لربه أي صاحبه، وان كان ضياعه بين المنزلتين ضمنه أقربهما منه، ويعطى المسافر على ذلك دينارا على كل حمل بباب المدينة، (نقله عن صاحب كتاب الاعلام للمراكشي)
ومن المهمات التي تنظم عمل النزالة أن حراستها موكولة الى أهل القبيلة والقبائل المجاورة لها وخاصة منها المنضوية معها تحت لفها أو حلفها، فمثلا نزالة قبيلة أيت مزال كانت حراستها موكولة الى اتحادية قبائل شتوكة لأنها تابعة لحلفها، ويضاف الى الحراسة أن أهالي موقع النزالة يكلفون من طرف المخزن ايضا بالمؤونة طيلة مقام السلطان وموكبه بها الى أن يغادرها، كما ورد عند الحساني صاحب ديوان قبائل سوس، عندما رافق موكب السلطان احمد المنصور السعدي الى سوس، حيث قال : (فهذا تمام النازلات التي ينزل فيها سيدنا رضي الله عنه مع خلفائه، وكل نازلة يدفع فيها أهلها المؤونة حتى يقوم منها).
وللعلم فإن النزائل التي يحل بها السلطان وموكبه مرات متتالية تعرف باسم آخر وهو (المحلة) وقد فسرها الأستاذ عمر أفا فقال، المحلة مصطلح مغربي يطلق على مكان إقامة موكب السلطان في تنقلاته، وترادفها في الوثائق كلمة (الحركة) بسكون حرف الراء، وهي حملة عسكرية تجرد أحيانا للاطلاع على أحوال القبائل وتمهيدها، وغالبا ما يصاحبها السلطان، ويمكن التمييز بين المصطلحين (الحركة) و (المحلة) باطلاق اسم الحركة على العسكر السلطاني في حالة الظعن والانتقال، وإطلاق اسم المحلة عند الاقامة السلطانية
وقد كانت قبيلة أيت مزال من بين النزائل السوسية التي ينزل فيها موكب السلطان في العهد السعدي، عندما يقوم بغزو جبال جزولة، والدليل على ذلك ورود اسمها في لائحة النزائل السلطانية في كتاب ديوان قبائل سوس لمؤلفه ابراهيم الحساني، سنة 1580م، ويبقى علينا أن نبحث عن موقع هذه النزالة السلطانية في داخل أراضي قبيلة أيت مزال، وأين مكانها، وأغلب أهالي القرى المزالية لا يعرفون عن هذا الأمر شيئا، وأشهر موقع توارثت أخباره شفويا بأنه كان محلة سلطانية في أيت مزال، هو مكان يقع في غرب قرية أيت ايدير بمنطقة الخمسان احد أخماس قبيلة ايت مزال الغربية، وتسمى هذه المحلة (تغنتوت) على الحدود الغربية مع قبيلة أيت وادريم، وتعرف بأنها كانت محلة السلطان مولاي الحسن الأول العلوي، أثناء زيارته التاريخية الشهيرة للقطر السوسي
هذا في العهد العلوي، حيث أن موكب السلطان مولاي الحسن الأول أثناء زيارته أنذاك لسوس، لم يتوغل في المناطق الشرقية، وإنما سار بمحاذاة الساحل الأطلسي وبموازاة سفوح جبال الأطلس الصغير، ومن الطبيعي أن يدخل من بوابة جبال الأطلس الصغير والمسمى حاليا (إيمي مقورن) أي الباب الكبير، وهو أقرب طريق يؤدي الى نزالة أيت مزال (تغنتوت) المذكورة
أما في العهد السعدي، فإن السلطان احمد المنصور السعدي، عندما غزا جبال الأطلس الصغير، والتي تسمى في عهده بجبال جزولة، دخل اليها من بوابة واحة (تيدسي) الواقعة بسفح جبال الأطلس الصغير الشمالي بقبيلة إيسندالن، والتي يعرفها السلطان جيدا لكونها مهد تأسيس دولتهم السعدية ومنطلق دعوتهم، ومنها عبر الى هضاب ونجود قبائل ايلالن الى أن أشرف على جبال أيت مزال، وهناك حط رحاله في نزالة بأيت مزال ولا نعرف مكانها اليوم، ولا أظن أن يكون موقها المذكور سابقا في محلة (تاغتوت) لأنها محلة سلطانية خاصة بالعلويين، ونكتفي بأنها مذكورة باسم (نازلة أيت مزال) في كتاب الديوان - والمطلوب منا أن نعمل على البحث لاكتشاف موقعها مستقبلا - وبعدما غادر الموكب السلطاني نزالة أيت مزال سار بمحاذاة قمم (أفاتن) الفاصلة بين أراضي قبيلة أيت مزال وقبائل ايلالن، وسلك طريق القوافل التاريخية الشهيرة باسم (تيريت)، (والتي استعملها جيش الاحتلال الفرنسي أيضا بعد تجهيزها وتعبيدها ليتمكن بواسطة مسالكها من التوغل في الجبال الأطلسية الشرقية المنيعة لاحتلالها)، وسار الموكب السلطاني الى أن بلغ النزلة الموالية وهي نزلة (تافتوت) بايلالن ثم نزلة (ايرس) التابعة لشتوكة، الى أن بلغ نزلة (إيرغ) وهو الموقع الذي حظي بشرف تأليف العلامة ابراهيم الحساني في أراضيه كتابه الديوان الذي أحصى فيه عدد سكان سوس في ذلك العهد، تمهيدا لجباية الضرائب منهم عن طريق احضار بيضة لكل سرجة من كوانين وأسر قبائل القطر السوسي بأجمعه، وبطريقة حساب البيض أمكن لصاحب الديوان أن يحصي عدد سكان المنطقة ومن ثم يضع لنا هذا الكتاب القيم الذي أنار لنا معرفة قبائل سوس المستقرة أنذاك في مواطنها الحالية
وبعد أن فرغ السلطان من الاقامة في إيرغ انتقل الى النزائل الموالية في الجنوب الشرقي لجبال جزولة وهكذا نزل في نزالة (أمانوز) ثم نزالة (أمان وادول) ثم نزالة (فوانو) بايلالن الشرقية ثم نزالة (تاسكرا) ثم نزالة (توريرت ايسوقين) بايسافن ثم نزالة (تازالاغت) ثم اتجه مباشرة الى نزالة (تيزنيت) ثم نزالة (ماسة) ثم نزالة (بونعمان ) ثم نزالة (تانكارفا) ثم نزالة (تاكاوست) ثم نزالة (ايفران) ثم نزالة (ايلغ) ثم عرج على نزالة (أسول) بأسيف واملن، ثم نزالة (تامانارت) واتصل بأهلها بتازكا واقا، وهي خاتمة رحلته الملكية الى سوس، وقد أضفنا هذه المراحل والمحطات السلطانية في هذا البحث للفائدة
وفيما يلي عرض للنزائل التي نزل بها السلطان احمد المنصور السعدي كما وردت في كتاب ديوان قبائل سوس، وقد ورد فيها اسم قبيلة أيت مزال، كنزلة بين النزلات التاريخية وهي
* * *
لائحة نزائـل
السلطان احمد المنصور السعدي
في القطر السوسي
* * *
يقول العلامة ابراهيم الحساني في كتابه (ديوان قبائل سوس) الذي ألفه سنة 1580م مستعرضا فيه المحطات السلطانية التي نزل فيها موكب السلطان احمد المنصور السعدي
----------
هذا تقييد نازلاته رضي الله عنه
- نازلة تيدسي : بين هلالة وهشتوكة أنصافا بينهما في المؤونة ليلتان فيها لهشتوكة وليلتان لهلالة وليلة واحدة للكناسيس مع الخنافيف
- نزالة بني مزال : لهشتوكة
- نزالة تافتوت : مخصصة بهلالة
- نزالة ايرس : مختصة بهشتوكة مع من كان حوله
- نزالة ايرغ : مخصوصة بهشتوكة
- نزالة أمانوز : مخصوصة بهشتوكة
- نزالة بماء أدول (أمان وادول)
- نزالة تاسكرا : مشتركة بين هلالة وهشتوكة
- نزالة بالويدان : وهي (ايسافن) بكدية ايحرضان وهي (توريرت ايسوقين) مشتركة بين هلالة وهشتوكة، ومدينة تازالاغت يدفع فيها جميع من حولها من هلالة وهشتوكة
- نزالة تيزنيت : لهلتيتة وهي (اداولتيت)
- نزالة ماسة : لهشتوكة
- نزالة بونعمان : لجرارة وهي (أيت جرار) وأهل بونعمان وأهل بلال
- نزالة تانكارفا : لبني بعمران وهي (أيت باعمران)
- نزالة تاكاوست : لأهل وادنون
- نزالة ايفران : لأهلها مع الفروع، مع بني وافقا وبني ارخا وهي (أيت الرخا)
- نزالة ايلغ : لايداكاكمار مع حربيلة وايغشان
- نزالة أسول : بوادي تيملت وهي (أسيف واملن) لهم وإيكنان
- نزالة تامانارت : لأهلها وأهل تازكى واقا
فهذا تمام النازلات التي ينزل فيها سيدنا رضي الله عنه مع خلفائه، وكل نازلة يدفع فيها أهلها المؤونة حتى يقوم منها. – انتهى ما ورد في لائحة النزائل السلطانية لكاتبها الفقيه ابراهيم بن علي بن عبدالله الحساني سنة 988 هـ موافق سنة 1580 م
وللعلم فإن ما ورد في هذا الموضوع من القبائل الموكولة بحراسة وتموين الموكب السلطاني أثناء حلوله في مواطنهم، ليس كل شيء، بل عليهم تكليف إضافي آخر وهو مرافقة موكبه في هذه الرحلة من بدايتها الى نهايتها، وكان المخزن يختار عدد المرافقين للسلطان حسب درجة القبيلة أو لفها الذي تنتمي اليه، وهذا بحث آخر سننشره في الموضوع القادم، والذي يهمنا معرفته فيه هو أن حراس قبيلة أيت مزال كانوا من ضمن الحرس المرافق للسلطان وكان منضويا ضمن عساكر لف أو اتحادية شتوكة الجبلية والسهلية، وقد بلغ عددهم 12000 رامي، وهو مصطلح مغربي ويعني المحارب الماهر في الرماية وهي من الفنون العسكرية المعروفة، ويجمع بكلمة الرمى
----------------------------------------------
المصدر : ابراهيم الحساني - عمر أفا - عبدالعزيز بن عبدالله - ابن زيدان
تقديم : محمد زلماضي المزالي
----------------------------------------------
*
* * *
*
----------------------------------
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire