للتجار المزاليين القدماء علاقات تجارية واسعة مع باقي أسواق القبائل المجاورة وخاصة الأسواق الواقعة بطرق القوافل التجارية المتجهة شمالا الى مراكش أو الصويرة أو فاس وجنوبا الى الصحراء والشرق المغربي من دادس وسجماسة وفيلالة، هذ بالنسبة للجهات البعيدة أما القريبة فقد تعامل تجار أيت مزال مع أسواق ايلالن وأيت باها وأيت وادريم وأيت والياض واداوكثير واداكنضيف وأسواق قبائل هشتوكة السهلية والساحلية وهوارة، إضافة الى المدن الرئيسية كتارودانت وأكادير ايغير وتيزنيت
------------------------------
سوق ثلاثا واناس
-------------------------------
سوق السبت نتزوكنيت
والدليل الآخر على وجود هذا السوق ما ورد في وثيقة سنة 1765 ما يلي
سوق الاحد نايت مزال
وهو أشهر سوق بقبيلة أيت مزال، ولا زالت أطلاله بادية للعيان في موقعه الذي اتخذه بعض أهالي التجار الرحل القدماء سكنا لهم، وذلك بعد أن قررت الحماية الفرنسية وقف نشاطه التجاري، عقب أحداث سنة 1936 ضد الفرنسيين والتي تزعمها شيخ قبيلة أيت مزال إبراهيم بن سي احمد أونجار المزالي، القاطن آنذاك في نفس السوق، والفقيه سيدي الحسن الواغزني أكرام الويكماني والحسين بن عمر الودريمي، وبعد القضاء على هؤلاء الثوار أقدمت الحامية العسكرية الفرنسية على هدم سوق الاحد وفجرت بيت الشيخ إبراهيم هناك وبعد توالي الأيام والجوائح والأوبئة نقلت السلطات الفرنسية السوق الاسبوعي الى سوق أيت باها، والذي أصبح ينعقد سوقه يومي الأربعاء بالنسبة لقبيلة أيت باها ويوم الأحد بالنسبة لقبيلة أيت مزال
وسوق الاحد أيت مزال، سوق قديم جدا بدليل المعاملات التي سنوردها في بعض الوثائق التالية، وسنخصص مستقبلا محورا خاصا بها، لأنها الوسيلة القوية التي ستساعدنا في إظهار تاريخه وزمانه ونشاطه، ومن أشهر تجار سوق الأحد أيت مزال في القرن العشرين التاجر محمد بن سي احمد أونجار المزالي وإخوانه الحاج سعيد وامحمد والحاج علي أشقاء الشيخ ابراهيم المزالي الثائر المذكور، وقد كانت لهم تجارة واسعة فاقت القطر السوسي الى المناطق الوسطى بالمغرب كالصويرة ومراكش والدارالبيضاء، وهذه صورة لميزان عتيق لا زال معلقا في أحد جذران بيوت هذه الأسرة العريقة في التجارة ويحكي تاريخ هذا السوق الأثري كما يعطي الدليل القاطع على النشاط التجاري في هذه المعلمة الاقتصادية المزالية التاريخية
* * *
كان الامزاليون منفتحون على العناصر الغير المسلمة كاليهود الذين كانت لهم تجارة واسعة بالمنطقة ويكفي أن نطلع على احدى الوثائق التي تثبت ذلك وهي التالية : أشهد عبدالقادر بن محمد بن داود من تخريبت أنه ضمن الخلالة عن الذمي، أي من أهل الذمة، المسمى أبراه ابرزنان في ملاح تخريبت اذا أخرج منه النحاس أن يعطي 11 مثقال لأحمد بن امحمد نيت حمو البلقاوي الامزالي في الخلالة التي اشتراها احمد بن امحمد من عند الذمي أبراه ابرزنان في سوق الأحد أيت امزال، وكتبها الفقيه سعيد بن عبدالله بن امحمد بسيصيض في 30 ذي الحجة 1212 ويوافقها 1798م
وهي من وثائق الاثبات والاعلان بالقبض على اللصوص الذين يسرقون الدواب التى ترعى بأحوال القرى مع العلم أن بعض دواب الركوب والأليفة جيدا كالبغال والحمير لا تحتاج في الغالب الى راع يرعاها بعكس البقر والغنم والضأن، وفي هذه الحالة تتعرض للسرقة، وتبين لنا الوثيقة التالية أن شخصا من ايزوكاين وجد حماره المسروق في سوق الاحد أيت مزال فأحضر شهوده لمعاينة حماره بعلاماته وصفاته مع من قبض عليه بيده، وهي كالتالي: شهوده يعرفون الحمار الكائن بيد محمد أزوكاي الامزالي من اعلا الوادي الامزالي الذي قبض بيد الحسين بن احمد الجيلالي في سوق الاحد ايت امزال والذي لونه ادهم اخضر قامته وسطى وفيه امارة بيضاء بين اذنيه وفي رأسه وجبهته اليسرى وفي يمينه وتحت بطنه علامة نحو كية نار وانه يمتلكه وينسبه لنفسه منذ 6 سنوات، ويليه أسماء الشهود، وكتب يوم الاحد 7 جمادى الثانية سنة 1215هـ ويوافقه سنة 1801م والكاتب الفقيه احمد بن محمد بن موسى الكري والفقيه محمد بن احمد بن إبراهيم الشيخ الكري
وللأسواق بأيت مزال دور هام في تجميع سائر الورثة لحضور قسمة التركة، بعدما يرفع التبريح والنداء في وسط السوق لحضور القسمة، فيحضر الورثة ونواب الغائبين منهم في اليوم الموعود، ويباشر القاضي حساب قسمة تركتهم ويحصل كل وارث على نصيبه يوثق في عقد الانفصال، ومن نماذج هذه العقود التالي : بيان ما حصل لمحمد بن امحمد بن برايم في وصيته من احمد بن امحمد بالثلث - لائحة الأماكن - بحضور الورثة بالقسمة - لائحة الورثة ونوابهم - وتفاصلوا بعد التبريح في السوق يوم 30 صفر 1238هـ ويوافقه 1823م وكتبه العدلان الفقيه محمد بن احمد بن عبدالله القايد الامزالي والفقيه محمد بن احمد بن مبارك الامزالي وإثبات القاضي سيدي علي بن احمد الايسي
ومن القضايا التي تقضى في أسواق أيت مزال التبريح أو النداء في وسط السوق أمام العموم باغلاق أملاك متنازع عليها بين الورثة ومنع التصرف فيها الى أن تقع القسمة فيها، وتغريم من خالف قرار الاغلاق بغرامات يومية يؤديها المخالف للمخزن والقبيلة مناصفة، كما في الوثيقة التالية: برح وغلق أولاد ابنعلي مع محمد بن الحاج من سيصيض ضد أولاد محمد بن احمد التملي وأولاد الامين الابلقاء في نزاعهم بابلقا بغرامة 300 مثقال للمخزن وقبيلة أيت امزال وذلك في سوق الحد، وكتبه امحمد بن سعيد التجموتي يوم 1 جمادى الثاني 1255هـ ويوافقه عام 1839م
وصاحب هذه الوثيقة هو جدي الأعلى، علي بن احمد ابنعلي السيصيضي المزالي، وهي من الوثائق التي في حوزتي، وهذا موجز ما ورد فيها مع صورتها الأصلية : اشترى علي بن احمد أبنعلي حانوت في سوق الحد أيت مزال في صف طريق اللوز، الكائن فوق الصخرة، بحدودها يمين (أي الجنوب) سوكة الصف وشمالها حانوت عبدالله بن إيهم من الثلاثا واناس المزالي بثمن 3 أوقية من البائع له امحمد بن سيدي سعيد من شفا (أفا) تينسوفت، وشهادة مبارك بن احمد خليل الاكركمي الامزالي، بأنه حضر لعلي ابنعلي السيصيضي حتى أعطى 6 مثقال قل أوقيتين للحاج الحسن بن احمد اوصالح التيسكيالي يوم 15 ذي القعدة 1276هـ (موافق 1860م). وكاتب العقد هو سيدي امحمد بن سعيد التجموتي، نائب قاضي تارودانت. العلامة المفتي المذكور في كتاب المعسول للمختار السوسي
أما التجارة فأغلب المبادلات فيها كانت في المنتوجات المحلية كاللوز والأركان والجلود والحبوب والخضر والفواكه، وفي ما يلي وثيقة معاملة مؤجلة الأداء وقعت في سوق الاحد أيت مزال وفيها ابتاع ابن عبد الله نباهيم الافدلني من البائع له الحسن بن علي السيصيضي 3 قنطار من اللوز الحلو - أي 300 كيلو - في سوق الحد ايت امزال ووجله - أي أجله - إلى موسم تفقيرت - ويعني بها للا تاعلات - بمبلغ 25 مثقال، الريال = 38 أوقية والأرباع = 8 ونصف أوقية وكتب سنة 1877م
-----------------------------
وثائق خدماتية بتاريخ 1883
وثيقة أخرى توثق سمسرة بين تاجرين في الجلود وفيها : شهد قدور من أبي اليد الافرائي - وهي ترجمة لبوفوس بتاشلحيت - بسمسرة لبيع الأدباغ لبوسلام بن همو اصالح الامزاور الهلالي في سوق الحد أيت مزال بثمن 4 ونصف مثقال وتوصل بسمسرته وهي 4 أوقية و4 موزونة للكاتب والباقي قبضه آل سيصيض من تفكرت
وكتب سنة 1883م وثيقة أخرى مؤرخة سنة 1883م وفيها بيان للمبيعات المؤجلة الأداء
ونصها : بيان زمام الحسن بن علي من سيصيض (أي بيان المدينون لفائدته) وفيها
المدفاع = كراوه - أي اكتروه - بثمن 4 ونصف موزونة لكل سوق الحد من (الكاري) ابراهيم بن علي
أرض = من (البائع) المعلم محمد بن مبارك الحداد من بيوكرى مقابل رطل من السكر لكل شهر
البعير = اشتراه سيدي عبدالله بن الحاج احمد نيت علي الامزاور الهلالي من الحسن المذكور في ملاق تزروالت - أي أنموكار (موسم) تازروالت - بثمن 32 ريال كبيرة بوجوهها فضة خالصة ووجله (أجله) الى ملاق مجاطة القابل أي موسم قبيلة ايمجاض
المدفاع = بالرهن من يد الحسن المذكور الى معم العثماني - نسبة لعائلة أيت موعم القاطنة حاليا بقرية أيت الطالب بمنطقة ايغزرانان بأيت مزال
الماعون الحجارة وايكلم واغمدان والكير = بثمن 2 ريال كبيرة بوجوهها
لم يكن تجار قبيلة أيت مزال منغلقين على أنفسهم، فعلاقاتهم التجارية مع القبائل المجاورة واسعة جدا، وهم يتاجرون في جميع أسواقها، بل يمتلكون فيها متاجرهم الخاصة بهم، وفي ما يلي مثلا وثائق تبين لنا مدى هذا التواصل الاقتصادي بين قبيلة أيت مزال وقبائل هشتوكة
وهي عبارة عن عقد تمليك متجر بسوق الاحد ايلالن لأحد أجدادي وهو احمد بن علي بن موسى الهشتوكي - وهذه الوثيقة أيضا في حوزني - والذي اشتراه من أحد تجار تومليلين الهلاليين واسمه علي بن احمد انجار، وكانت هذه الحانوت مجاورة لحانوت أحد التجار المزاليين ظهر في تحديد موقعها فتقول الوثيقة : اشترى احمد بن علي بن موسى الهشتوكي بسيصيض من علي بن احمد انجار من تمللن الهلالي حنوت بسوق الحد هلالة الكائن فوق حنوت الحاج بلقاسم من سيصيض بثمن 5 أوقية دراهم اسماعيلية، في يوم 1 جمادى الاولى عام 1164هـ ويوافقها 1750م، وكاتب عقد البيع من أهل سيصيض المزاليين أيضا وهو الفقيه احمد بن علي بن محمد من سيصيض
-----------------------------
وثيقة عقارية بتاريخ 1780
وفي وثيقة أخرى نجد أن محمد بن امحمد بن سعيد البوزيدي من سيصيض اشترى حانوتا بسوق الاحد ايلالن من بائعه الطالب سعيد من تومليلين التسجدلتي فتقول الوثيقة : اشترى محمد بن امحمد بن سعيد البوزيدي بسيصيض من بائعه الطالب سعيد من تومللين التسجدلتي الحانوت بسوق الاحد في صف الصابون أي البيت السفلي يحدها قبلة عبدالله اصبان المزدكني يمين السوكة يسار أيضا وفوقه المشتري بثمن 9 أوقية سكة قديمة، يوم 30 ربيع الثاني سنة 1194هـ ويوافقها 1780م، وكاتب عقد البيع من أهل سيصيض المزاليين أيضا وهو الفقيه سعيد بن عبدالله نيت عبد العزيز بسيصيض
-----------------------------
ومن الادلة التي تثبت تعامل المزاليين مع الأسواق البعيدة عن القبيلة أيضا وثيقة تبين شراء أحد المزاليين بقرة من سوق الاثنين اينزاض وفيها: اشترى محمد بن امحمد بن سعيد بسيصيض من مومن بن محمد أعراب السعادي من شليوت، البقرة حمراء اللون بثمن 11 مثقال واشترط معه أن تكون حاملا أو يرجعها بعد 4 أشهر وضمنه احمد بن علي بن سعيد أداسكو احمدن أصلا ودارا ومنشأ لدى أيت الكوض ووقع ذلك في سوق الاثنين اينزاض يوم 20 ذي القعدة 1196هـ ويوافقها 1782م
-----------------------------
وثيقة إعلانية بتاريخ 1782
ومن مظاهر علاقات المزاليين بجيرانهم أنهم يقومون بالتبريح أو النداء أو الاعلان في الأسواق المجاورة دون اللجوء الى أسواقهم المحلية ومثال ذلك في الوثيقة التالية : برح ابن محمد من سيصيض ضد منازعه في سوق الاحد هلالة ومنعه من التصرف في بيع الأملاك، يوم الاحد 1 صفر سنة 1196هـ ويوافقه 1782م
-----------------------------
وثيقة مراسلة بتاريخ 1787
وفي وثيقة أخرى نجد الامزاليين يجوبون أسواق المدن الكبرى البعيدة مثل مراكش وغيرها، والدليل على ذلك رسالة وردت من الحاج امحمد بن احمد من ايزوكاين الامزالي المسبب - أي المتاجر - بمدينة مراكش الى والدته واهله اخوه محمد بن احمد وعمه الفقير محمد بن الحسين ومسعود بن امحمد وسعيد بن امحمد والفقير احمد بن صالح والفقير امحمد بن علي والكبير فيهم عمه علي وقد عزى فيها وفاة اخيهم المرحوم سعيد كما أخبرهم بأحوال السوق بمراكش والبضائع التي تبادلها معهم، وهي رسالة مؤرخة سنة 1787م
-----------------------------
وثيقة عدلية بتاريخ 1795
وهناك من الفقهاء الامزاليين من اشتغل في مهنة العدول بالأسواق المجاورة كسوق ثلاثاء أيت باها والذي كان يسمى قديما بهذا الاسم، ومنهم الفقيه محمد بن احمد بن بل الامزالي، والذي فصل في احدى القضايا المعقدة بين ثلاث شخصيات مختلفة الأصول سنة 1795م وفيهم البهاوي والكنكي والودريمي والفلاسي، وهم الشيخ إبراهيم بوحرتة البهاوي وسعيد بن امحمد الفلاسي وامحمد مشيخ الكنكي وابراهيم بن الطالب زكرياء الودريمي، وقد نجح هذا العدل المذكور بحنكته ودرايته وسمعته في ابرام عقد الانفصال والابراء بين المذكورين
-----------------------------
وثيقة قضائية بتاريخ 1827
ومن الأمور التي أبرمها الامزالي في السوق المجاور عقد مجلس اليمين وذلك بأن يستدعى المتخاصمان للحضور أمام القاضي لتنفيذ القسم بالنسبة لمن أنكر التهمة والبينة لمن ادعى المظلمة، وتقع هذه الخلافات في الغالب في بيوعات الحبوب برحبة الزرع حيث يختلف المبتاع والبائع حول المكيال هل هو صحيح أم شحيح، فنجد في هذه الوثيقة ما يلي : ليحلف إبراهيم بن محمد القاطن بسطح علي التسضميتي لحامله احمد بن محمد الصراري الامزالي مع 12 من اخوانه في مقطع الحق في المصحف الكريم ان بيع الزرع الذي وقع بينهما اشتراه الاول من الثاني بسوق الاحد هلالة ولم يحدثا عليه عقد آخر عند كيل الزرع واذا حلف تمت بينهما البراءة والانفصال ولن يتبعه بشيء بعد ذلك، وكتبه في يوم 1 رمضان 1242هـ ويافقه 1827م الفقيه امحمد بن علي بن محمد نيت سيدي يحيى بن موسى الترستي- نسبة الى تيرست منطقة بقبيلة ايكونكا
------------------------------
وثيقة عقارية بتاريخ 1838
ونجد في وثيقة أخرى أن هناك من التجار المزاليين من كانوا سابقين لامتلاك المتاجر بسوق الاحد هلالة، حيث صيرها أحدهم - أي سلمها - بالبيع لتاجر آخر كما في العقد التالي : اشترى الحاج امحمد نيت بلقاسم التفشتراري الهلالي من محمد بن الحاج احمد العرف من أكركم حنوت بسوق حد هلالة بصف اللوز الصائرة اليه بالبيع من المرحوم ألحيان التسلمتي يحدها قبلة الحاج احمد أبو الصبع البهاوي - وهي ترجمة لبوفوس - جوف أيت بلقاسم البهاوي شمال السوكة الخارجة بين الصفوف بثمن 1 مثقال، وكتبه يوم 1 صفر 1254هـ ويوافقه 1838م الفقيه امحمد بن محمد من أكرضنسنين التنسفتي المزالي
----------------------------
وختاما ألفت انتباه المستطلع الكريم أن ما ذكر أعلاه ليس كل شيء، بل هي إشارات فقط ويلزمنا جمع العدد الكثير من الوثائق وتصنيفها وفرزها زمنا ومكانا حتى نستطيع أن نلم بأغلب جوانب تاريخ وحضارة قبيلة أيت مزال العريق
*
1 commentaire:
on l'attend avec impassiance
Enregistrer un commentaire