قبيلـة أيت مـزال
حصن تاريخي يقع في قبيلة أيت مزال بدوار سيصيض أفلا واسيف، مقام على جبل صخري جرفت منه عوامل التعرية تربته فظهرت صخوره من النوع المسمى ألوس ذي الألوان المائلة بين السواد والزرقة، كما أن شكل بنائه الهندسي المنيع يزيده روعة وجمالا فلا يمكن المرور حول جنباته ولا يمكن الوصول اليه الا من طريق واحد ولا يمكن الدخول اليه الا من باب واحد
ومعرفة تاريخ بنائه وكذا جميع الحصون (ايكيدار) المنتشرة بجبال الاطلس الصغير بسوس تعتريها صعوبات كثيرة بسبب ضياع وثائقها وعقودها وألواحها بفعل الحروب والسلب والنهب والاهمال سواء بين أهالي المنطقة، أو بين القبائل المجاورة، أوحركات المخزن بواسطة جيوشه وقواده لاستخلاص الجبايات والاعشار من أهالي المنطقة، فتتعرض هذه الحصون للنهب والدمار
وهذا ما وقع لحصن أكادير سيصيض بقبيلة أيت مزال، وبالرغم من ذلك من الممكن التعرف على مراحله التاريخية بالبحث في علاقته مع باقي الحصون المتواجدة بجبال الاطلس الصغير، وخاصة حصون قبائل ايلالن وإيداكنيضيف وايكونكا، والتي لازال بعضها مستعملا لدى أهلها الى الآن، وبنظرة سريعة على الوثائق والرسوم المتوفرة لدينا، وعمر أقدمها ثلاثة قرون، نستطيع بها توضيح أهم معالم تاريخ هذا الحصن، وهي التالية
معالم من تاريخ أكادير سيصيض
نظرا لارتباط أكادير سيصيض بحصون قبائل ايلالن، وخاصة فيما يتعلق بتسلسل نسخ ألواحها الموحدة والمشتركة بينها في موادها وبنودها وفصولها ابتداء من أقدم الحصون وهو أكادير أوجاريف منذ القرن 10 الهجري الى أحدث حصن أقيم في القرن 13 الهجري، نجد عند صاحب كتاب – تاريخ قبائل هلالة بسوس – في عرضه لتاريخ الحصون بجبال جزولة وهلالة أنه وجد مكتوبا على لوح حصن تكفرت أمر ملكي صادر من السلطان ابو العباس احمد الأعرج السعدي موجه الى قبائل جبال جزولة يأمرهم أن يثبتوا ويبقوا على أعرافهم وعوائدهم وقوانين حصونهم وأن يحكموا بتلك الأعراف والقوانين فيما وقع بينهم سواء في الحصون أو غيرها وذلك بتاريخ 938هـ موافق 1532م
ونستنتج من هذه الرسالة السلطانية السعدية، الموجهة الى قبائل جزولة عامة، ومنها قبيلة أيت مزال، أن أكادير سيصيض كان موجودا في القرن 16م
ففي سنة 1664م ورد في أحد الرسوم القديمة أقدم ذكر لحصنة سيصيض تكاديرت، المقامة على قمة التلة المقابلة لجبل أكادير سيصيض، والمطلة على دوار سيصيض من جهة الشمال وهي عبارة عن برج مراقبة وحراسة لدوار سيصيض وحصنه، ولا زالت آثار هذه الحصنة قائمة الى الآن، وقد أقامها الأولون لحراسة حصن أكادير سيصيض الكبير المقام على جبل صخري وبينهما مدخل جبلي طبيعي يؤدي الى دوار سيصيض الذي يقع شرق هذا الحصن بحيث لا ترى القرية في غربه في حين تظهر المباني في شرقه وهي تطل بأسطحها ونوافذها على قبلة الدوار وشرق المنطقة
وفي سنة 1707م ورد ذكر أكادير سيصيض في عقد بيع لبقعة أرضية تقع في أمالو أوكادير، وقد ذكرت في الوثيقة بالاسم العربي ( ظل الحصن ) وهذا هو المعمول به لدى الموثقين السوسيين، تقريبا لفهم مدلول الأسماء الأمازيغية لدى الادارة المركزية المخزنية آنذاك، مما يدل دلالة واضحة على وجوده قبل هذا التاريخ
وفي سنة 1722م ورد ذكر حصن سيصيض في مجلس الحكم لدى القاضي سيدي محمد بن يحيى للفصل بين متخاصمين بدوار سيصيض والذي عين لهما القاضي موعد الجلسة وهو يوم الخميس 8 صفر 1134هـ ويوافقه عام 1722م وقد اشترط عليهما أن من تخلف منهما عن الحضور ينصف بغرامة قدرها 3 مثقال تِؤدى لنفاليس الحصن وهم أعيان القبيلة
وفي سنة 1723م عين ابراهيم بن احمد بن سعيد التدماوي أمينا لأكادير سيصيض
وفي سنة 1724م ورد في أحد العقود المتعلقة بأكادير سيصيض، أن متعاقدين تنازلا لبعضهما البعض عن احدى غرف أكادير بجميع لوازمها كالزراب وتيضاف أي الحراسة والحضار أي واجب الحراسة
وفي سنة 1726م عين القاضي مقومين أي خبيرين من أبناء القبيلة أحدها من دوار سيصيض والآخر بدوار أكرضنسنين بمنطقة تينسوفت من ايت مزال، لتقويم دار منسوبة لعائلة كشتوك بسيصيض، متنازع عليها وتقع تحت الحصنة (الدو تكاديرت) وقد رفعا تقريرهما للقاضي فقوماها بثمن 4 مثقال للبناء و4 مثقال للبقاع
وفي سنة 1734م نجد ذكر حصن سيصيض في عقد زواج، حيث أصدق الزوج لزوجته نصف داره المعروفة له في طريق الحصن على عادة أهل البلاد في صداقهم بسوس، وحدودها (قبلتها أيت وزكورن وغربها الطريق وجنوبها الجرف وشمالها أيت ابلقا) وهذه الحدود تكشف لنا أن أكادير سيصيض كانت تحيط به قديما بيوت أهل الدوار في قمة الجبل، وقد اندثرت هذه المساكن منذ القرن 19م حيث عمرت أسفل الحصن، ثم انتقل الدوار بأجمعه مرة أخرى في عصرنا الحاضر الى ضفاف الوادي جنوبا تاركا هناك أطلال بيوت الأجداد مهجورة
وفي سنة 1754م عينت القبيلة (جد عائلتنا) وهو الطالب سيدي امحمد بن علي بن موسى السيصيضي الامزالي أمينا وحارسا لأكادير سيصيض مقابل أجرة سنوية قدرها 6 مثقال بسكة زمانه
وفي سنة 1773م عزل (أي أوقف) الطالب سيدي امحمد بن علي بن موسى أمين أكادير سيصيض السابق ثلث داره بسيصيض لفائدة الحصن مقابل حراسته
وفي سنة 1778م ورد ذكر أكادير سيصيض في قسمة تركة عائلة أيت ويزكورن بسيصيض حيث اقتسموا جميع أملاكهم وتركوا بيوت أكادير على الشركة بين الورثة لاستحالة قسمتها بينهم
وفي سنة 1780م أوقف جدنا الطالب سيدي امحمد بن علي بن موسى بيته بأكادير سيصيض لفائدة زوجته مقابل ديونها الواجبة عليه لها من صداق وجهاز وسعاية وحقوق
وفي سنة 1780م وقع بحصن أكادير سيصيض تبريح (أي نداء) زوجة ضد زوجها داخل أكادير بحضور نفاليس القبيلة، وصرحت بأنها خرجت من ضمانة زوجها، وتبرأت أمامهم من جميع التزاماته وأموره، وهذا يدل على أن هذا الحصن كان في غاية الاهمية بحيث كانت تفصل فيه قضايا الناس
وفي سنة 1784م تعرض أكادير سيصيض في عهد السلطان سيدي محمد بن عبدالله العلوي لهجوم القائد محمد بن مبارك الدليمي الهشتوكي، عندما طلع بجيشه على أهل سيصيض ونهب دورهم وأموالهم وأتلف أمتعتهم ومزارعهم وداهم الحصن ونهب مخزوناته ومدخراته، وكان لهجوم هذا القائد الجائر أثر بالغ في القضاء على حضارة قبيلة أيت مزال عامة ودوار سيصيض خاصة، بحيث لم يترك لأهله قليلا ولا كثيرا من مآثره وكنوزه وثروته الثقافية والعلمية التاريخية، فاضطر السكان الى اعادة بناء ما دمره وجددوا ما ضاع لهم من متاعهم وأغراضهم حتى أعادوا نسخ وثائقهم ورسومهم وكتبهم التي أتلفها هذا القائد
وفي سنة 1789م نجد ذكر أكادير سيصيض في معاملة عقارية بين عائلتين بدوار بسيصيض نستفيد منها أنه كانت توجد مدارج جبلية تحت صخرة أكادير في الجهة الغربية، والمعروفة باسم أمالو اوكادير، وكان فيها بئر وحوض وجنان مكسوة بأغراسها وأشجارها من اللوز والتين والفواكه والصبار، وهو الجانب المسمى في الوثائق بالعربية بظل الحصن أي غربه
وفي سنة 1797م قدم الفقيه سيدي امحمد بن إبراهيم التملي لأمناء أكادير سيصيض نسخة بخط يده من الألواح المشتركة بين حصون جبال جزولة - انظر فصوله في لوح أكادير سيصيض، وهذا دليل على وجود روابط تاريخية بين اكادير سيصيض وباقي ايكيدار الأخرى
وفي سنة 1800م وهي السنة الشهيرة بعام الوباء، الذي عم جميع مناطق القطر السوسي وكافة أرجاء المغرب، تم تجديد وترميم بناء حصن أكادير سيصيض بعدما تعرض للنهب والتخريب بسبب المجاعة والحروب
وفي سنة 1847م ورد في أحد العقود المتعلقة بأكادير سيصيض أن أمين الحصن سيدي محمد بن امحمد الهبيل أذن له أحد أفراد دوار أسكار - المجاور غير بعيد من سيصيض، والمحسوب على منطقة تينسوفت من أيت مزال - بالتصرف في حقوله بالزراعة والحرث مقابل حراسته وأداء حضار الأمين
وفي سنة 1906م تم تعيين امحمد بن احمد نيت احمد بني تليت أمينا لأكادير سيصيض
وفي نفس السنة 1906م فصل أمناء أكادير سيصيض خلافا بين عائلتين من سيصيض وبحضور الأمين في مجلسهم بداخل أكادير بحيث أمروا المتخاصمين بالحضور خلال ثلاثة أيام، وفي اليوم الموعود لم يحضر المدعى عليه وهو المتهم بسرقة وثائق من بيت الجماعة في الحصن وحرروا ضده محضرا بعدم الحضور لا هو ولا وكيله ولا من استعذر له
وفي سنة 1918م ولاستخلاص و اجبات الحضار اللازمة على أفراد القبيلة اجتمع أمناء أكادير سيصيض لتصفية الديون الواجبة على احدى العائلات بسيصيض لفائدة أوقاف المسجد والحصن، فاتفقـوا على بيع احدى غرف دار الملزمين، والواقعة بدوار سيصيض في الدروج بأسفل العريش، بثمن 10 ريال، وبعد اتمام اجراءات البيع سلموا مبلغ البيع لأمين الحصن ليصرفه في حاجيات الحصن من الأركان والسكر والشاي والشعير
------------------------------------------------
للمزيد من المعلومات الرجاء فتح المحاور التالية
تحرير : محمد بن الحسن زلماضيZalmadi-mohamed@hotmail.com
------------------------------------
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire